تعديل

mercredi 31 janvier 2018

طقوس التبراك في قبيلة التسول.

قراءة في التراث الشفهي لإقليم تازة: قبيلة التسول نموذجا.
 
الجزء الرابع.
كنا قد تحدثنا في جزء سابق عن عملية "الدراس" ووقفنا عند مرحلة التصفية، وسنحاول استكمال العملية في هذا الجزء فنقول:
 
بعد التصفية تأتي عملية "التبراك" وهي لفظة مشتقة من البركة، (والبركة في الاصطلاح الفلاحي تحيل على معنيين:
 
أولهما اليمن والزيادة والنماء، وثانيهما: ما تجمع في "النادر" من حبوب أو قطاني بعد التصفية) وتعني كيل الحبوب بالمد ( المد وعاء قصديري يشبه السطل ويسع لاثنتا عشرة "كاميلة" والكاميلة تزن ما بين كيلوغراما واحدا وكيلوغراما ونصف تبعا لنوع الحبوب) وحملها لمكان التخزين الذي غالبا ما يكون غرفة أرضية أو مطمورة (1)، أو كرن (2)، أو طنة (3)، ولعملية التبراك ثلاثة طقوس معروفة ومتواضع عليها من طرف جمهور الفلاحين، وهي الصمت والحفاء واختيار كبار السن أو الأكثر تدينا للقيام بهذه المهمة. فأما الصمت فأمر ضروري ولا سبيل للسماح بالكلام مطلقا، لسببين، أولهما: الاعتقاد السائد من أن كثرة الكلام تذهب البركة، وأن الصمت خير كله، وثانيهما: عدم التشويش على الذي يقوم بعملية "التبراك" حتى لا يخطئ في العد (4)، وأما الحفاء فهو استكمال لعملية الدراس وكما لايسمح الدخول للنادر بالحذاء، أو في حالة جنابة، لا يمكن السماح أيضا بانتعال أي نوع من الأحذية أثناء التبراك، أما بخصوص اختيار كبار السن فيرجع بالأساس للاحترام الواجب لهم، فإن لم يوجد كبير تكفل أكثر شخص تدينا في العائلة بالمهمة، وهذا يدل على الهالة القدسية والقيمة الدينية التي تعطى للمحصول. 
وبانتهاء عملية "التبراك" نكون قد أتينا على جميع مراحل "الدراس" ولم يبقى سوى "توقيف التبن" (55) ونعني بها تجميع التبن على شكل هرم دائري يشبه إلى حد ما قالب السكر، وهي عملية تتطلب تعاونا من طرف شباب الدوار وتعتبر الفرصة الوحيدة التي تعطى للصبيان من أجل الدخول للنادر (6) واللعب ــ إلى حد ما ــ فوق التبن الذي يرفعه الشباب (7) من أجل ضغطه ودكه، بينما يقوم المعلم صاحب القصبة بحك جوانب "النادر" وتسويتها لتبدو متناسقة إلى حد الكمال، وبعد التوقيف تأتي عملية "التسقيف" ويقصد بها تغليف التبن "بالبرومي" (8) لتفادي دخول مياه المطر، قبل أن يقوم الفلاحون بكسوة هذا الأخير بأغصان التوت البري الشائك، أو بنبات السدر حماية للنادر من البهائم والأنعام.
 
وبهذا يختم موسم الحصاد وتبدأ مرحلة التحضير للأفراح، ومن أراد أن يعرف كيف تتم فليراجع الجزء الثاني. 
 
تحياتي أحبابي الأفاضل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المطمورة حفرة أرضية على شكل جرة ماء ضيقة من الأعلى وواسعة من الأسفل يتم تخزين الحبوب فيها.
(2)
كرن أو الجرن بالفصحى، مكان مؤقت لتخزين الحبوب والزيتون أيضا، وهو عبارة عن مثلث يكون في زاوية الغرفة أو عند التقاء غرفتين، ولا يتعدى ارتفاعه مترا ونصف في الغالب الأعم.
(3)
الطنة اسطوانة من قصب مكسوة بالطين وتستعمل للتخزين أيضا، ولكن لا ينصح بتخزين الحمص فيها لأنه ينتفخ في فصل الشتاء مما يؤدي إلى انفجارها.
(4)
غالبا ما يعمد الفلاحون من ذوي الذاكرة الضعيفة إلى عد "المحصول" بوضع حبة من الحبوب أو القطاني عن كل مد في مكان مخصص، ويقوم في الأخير بعد الحبات المجمعة ليعرف عدد الأمداد المحصلة، والسبب في العد راجع بالأساس لحساب مقدار الزكاة. ولكن مع الأسف لم يعد الفلاحون المعاصرون يعيرون هذه الشعيرة الدينية أي اهتمام فقلت البركة وشح المطر وهلك الخف والحافر. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(5)
تختلف طريقة جمع التبن بين منطقة وأخرى فهناك من يجمعه على شكل قالب، وهناك من يجمعه على شكل مطب أو ما يعرف ب"ظهر الحمار" لكن هذا الأخير يتم تغطيته بالبلاستيك.
(6)
النادر مصطلح يشمل مكان الدراس والتبن المجموع على شكل قالب أيضا.
(7)
غالبا ما تصاحب كل عملية رفع التبن للأعلى الصلاة على النبي والتعشاق وهو "والعاشقين فالنبي صليو عليه، اللهم صلي عليك يا رسول الله ــ تكرر ثلاث مرات ــ أجاه النبي أمولاي ادريس".
(8)
البرومي هو أصول القمح الصلب ويتراوح طوله بين 50 و80 سنتيمتر، ومن شاهد الفيديو الخاص بالحصاد ــ موجود على صفحتي الخاصة ــ سيعرف ما أتحدث عنه.

                                     
               

توقيع : أحمد لزعر التسولي.

الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

1 commentaires:

بحال التعليق ديال الاستاذ السي جليبن يلا كان ممكن ينظاف الى هذا المنشور وشكرا

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg