تعديل

dimanche 21 janvier 2018

التعريف بلالة مجمع الصلاح

بسم الله الرحمن الرحيم
                                         مجمع الصلاّح بتازة.
           
تنتشر ظاهرة الأولياء الصالحين ومجامعهم الطيبة بكثرة في بلدان المغرب العربي ، بل إن المغرب يعد من البلدان المعروفة بهذه المجامع فقد ذاع صيت رجاله الصالحين ومقاماتهم حتى أصبحت لهم مواسم تذكر بذكرهم ، وتعرف باسمهم .
والوليّ الصّالح هو إنسان صالح وهب حياته  للعلم والدّين و فعل الخير، زهد في الحياة وملذاتها ، ونصب لنفسه مقامات وأوراد من الذكر والعبادة ، يتقرب بها إلى الله عزوجل ، ويعلّم من خلالها تلامذته وأتباعه ، الذين وقفوا ببابه يسترشدون بمعارفه ، ويتنوّرون بأزهار ذكره ، فتصفو قلوبهم وتنقى أفئدتهم ، فالطبقة العليا من المؤمنين بعد الأنبياء بالنسبة إلى البشر و الجن هم الأولياء ثم سائر المؤمنين.
ومن المدن المغربية التي اشتهرت بمجامعها وأضرحة أولياءها مدينة تازة ، فمدينة تازة مدينة عريقة ، هذه العراقة تستمدها من التاريخ الطويل الذي تختزله أسوارها  ومعالمها ، كما تستمده من أفواج العابرين الذين أغراهم هواءها وماءها بالمكوث والاستيطان والاستظلال بظلالها .
 فهذه المدينة – وكما يحكي التاريخ الشفاهي والكتابي – عرفت نزول عدد من الصالحين والأولياء والزهاد والمتصوفة الذين بصموا تاريخها بمجامعهم الصالحة التي جمعت الخلّص من التابعين والمريدين ، كما بصموا حياة سكانها بالطيبوبة والأخلاق الكريمة التي زرعوها في أفئدة التلاميذ ;والمتعلمين  ، وأعتقد – والله أعلم – أن السبب الرئيس في رغبة عدد من الرجال في النزول والمكوث بهذه المدينة ، ترجع إلى بركة مجامع الصلاح ومنازل الفلاح التي نوّرت مساجد وزوايا هذه المدينة ، فسرت بركتها سريان الماء في العود الأخضر في قلوب الناس ، تنقي الروح وتطهّر البدن وتدعو الفؤاد إلى التساؤل والتأمل ومراجعة الذات .
ذلك أن الولي الصالح بركته في الدنيا تقوم على أنه مجاب الدعوة وفي كتب الزهاد والمتصوفة العديد من القضايا المرتبطة بهذا الجانب  ، لأن الإخلاص في الطاعة والإكثار من النوافل يقرب العبد من ربه ويدنيه منه ، فيجعل له حظوة بين عباده .

ومن بين المساجد التي عرفت هذا النوع من المجامع ، نذكر ذلك المسجد الصغير الأثري الذي يقع بجماعة الربع الفوقي ، ويبعد بحوالي 11 كلم عن أربعاء بني لنت .
فهذا المسجد يوجد على أعلى مرتفع ويشرف على آفاق شاسعة من كل جانب حوله ثلاث مسايد لجلوس منتظر الصلاة .
ويرجع أصل تسمية هذا المجمع ب" مجمع الصلاح " ، لتلك المرأة المتصوفة الصالحة الغير متزوجة التي عرفت ب" أمّ الصلاح "  ، فقد جمعت حولها أربعة وأربعين رجلا صالحا من الزهاد تعلمهم القرآن والفقه والزهد ،استجدت بهم عن حياة اللهو  واللعب لتستبدلها بحياة الذكر والعلم والطاعة  ،  ولما توفيت بعد أن قضى الله أجله دفنت بجوار المسجد محل المجمع ، تحقيقا لذكراها ورغبة في إيصال الأجيال بذكرى المرأة التي وجدت في مجالس وحلقات الذكر بيلا عن الحياة الأخرى  .
وقد أسس هذا المجمع بدءا على منهج العبادة ولقاءات الصدقات المقامة لقراءة القرآن والذكر والدعاء وطلب الاستسقاء عند انحباس المطر عن المنطقة .
وقد بقي هذا المجمع على حاله بعد وفاة " أم الصلاح " يجتمع به سكان المنطقة خاصة بالمسجد في المناسبات الدينية يتبركون ويذبحون صدقة للمحتاجين ، ويحيون ذكرى المرأة الصالحة التي أسست المجمع  .
وقد توقف هذا الموسم منذ أربعين سنة نظرا لوعورة المسالك ، فطريقه غير معبدة ،  في حين بقيت زيارات التبرك يقصده إليها بعض العارفين بكرامات هذه المرأة التي اجتمع حولها عدد لا بأس به من رجالات الصلاح والزهد والتصوف .
وإذا  كان هذا المجمع معروف بالمنطقة بين خاصة سكان الناحية ، فإنه يظل مجهولا عند البعض الآخر ، على غرار مجامع أخرى بهذه المدينة ، مما يستدعي تكثيف الجهود لخلق مبادرة تعمل على التعريف بهذه المجامع ، وتقوم على دراسة خصوصية كل منطقة في هذا الجانب ، حفاظا على الهوية الحضارية والدينية والتاريخية للمدينة .

                                                       والحمد لله رب العالمين 
الأستاذ عبد الكريم بناني.

الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg