تعديل

mardi 23 janvier 2018

عادات تسولية: تحضرات بني تسول للمواسم الفلاحية 02

الجزء الأول: موسم الحرث 02
نعود لنستكمل الحديث عن المواسم الفلاحية بقبيلة التسول فأقول: غالبا ما تتزامن عملية الحرث مع موسم جني الزيتون أو ما نسميه ب"النفاطة دالزيتون" وقد كانت هذه العملية مرهقة للغاية بسبب وعورة الأرض، فتجد الشجرة في أعلى التلة ولكن حباتها تتساقط بعيدا عنها، حيث كنا نضطر للنزول مسافة تصل أحيانا مائة متر لجمع الحبات "الطايشة" ثم نواصل صعودنا لنصل لأصل الزيتونة، وتتنوع وسائل "النفيط" بين "المسقط" وهو عصا طويلة تستعمل لضرب الأغصان البعيدة إما من الأرض أو من فوق الشجرة، ثم "القرقابة" وهي عصا قصيرة (يبلغ طولها حوالي متر ونصف) مخصصة لضرب الأغصان القريبة وغالبا ما تستعمل فوق الشجرة، ويستغل الفلاحون موسم الحرث لتغطية أصول الزيتون لمساعدة جذورها على التنفس والاستفادة من ماء المطر (كان جدي رحمه الله يسمي الزيتونة شجرة مباركة بكسر الراء، ولم أكن أعرف سبب هذه اللفظة حتى التقيت أحد الأصدقاء المثقفين من إقليم الجديدة وقال لي بأنه يسمي الزيتونة بالاسم نفسه، فلما سألته عن ذلك أجاب بأنها تبارك الأرض والمكان الذي تكون فيه، فلا ينقصه خير ما دامت قائمة على أصولها، فلما نظرت في هذا التأويل بدا لي صوابه ومن ينظر بعين البصيرة يرى ما رأيت والله أعلم). ويظل الفلاحون يومهم كاملا في الحقول يحرثونها بكل نشاط وحيوية من 'تيريرة لتيريرة' (تيريرة هي طرف الحقل) وتساعد النساء أزواجهن وإخوانهن في طمس "الوزازر" وتسويتها، كما تعملن على تحضير وحمل الوجبات الغذائية للفلاحين والتي غالبا ما تكون عبارة عن قطاني (عدس، حمص، فول منكوب، أو بيصارة) أو كواز (هو ما يطلق عليه المدينيون 'الدواز') مكون من البطاطس والجزر واللفت (كنا نطلق على البطاطس والجزر لقب حادة وعكي) وقليلا ما تكون هذه الخضر مرفوقة بلحم أنعام أو طير، وفي المساء يتم ترك الزوج لتبرد ثم تتمرغ (وهما طقسان ضروريان قبل مغادرة الحقل) قبل أن تلتحق بالبيت، أما الفلاح فغالبا ما كان يستغل فترة التبراد لينصب فخاخه للحجل التي كانت تأتي كل صباح لالتقاط حبات البذور الباقية فوق وجه الأرض، وغالبا ما كانت هذه الفخاخ (وهي عبارة عن حفر صغيرة فوقها خشبتان مثل دفتي الباب تفتحان للأسفل ثم تغلقان ويستحيل على الطائر أو الأرنب الخروج منها ويعمد الفلاحون لتغطية هاتين الخشبتين بأوراق الأشجار على سبيل التعمية) تؤدي وظيفتها بشكل جيد جدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الأمثال المرتبطة بالحرث:
- الحرث أدبغي العلف الفايث ماشي العلف البايث. (يعني أن الحرث يتطلب أن تكون الزوج قوية بعلف طويل المدى).
- اطلب الرجال النفاعة، أما المحارث فالخلا أيبقاو مسيبين.
- يناير احرث يا حاير، ويبراير زرعا بالمطاير أو كولا بالخماير.
- دي حرثو الجمل، دكو.
- اللهم بلاد محيطة، ولا مليطة. (يعني أن الفلاح يفضل الأرض الوعرة على الأرض المنبسطة التي تشبعت تربتها بالماء).
- دي بغا يحرث يكسب القروشة، ماشي الحمير والزحوشة. (هذا المثل والمثل الذي قبله جاد بهما خاطري وأنا أكتب هذه السطور ولم أسمع بهما من قبل، ولعل الله أن يكتب لهما الشهرة بسبب هذا االمنشور، والقروشة جمع قرش بفتح القاف، والقرش هو ثور ضخم يقوم الفلاحون بإخصائه وتركه للحرث فقط، ولا يباع حتى يبلغ من الكبر مبلغا لا يستطيع معه جر المحراث، وأحيانا يموت في بيت مالكه، ويطلق وصف القرش أيضا على الرجل القوي المتمكن).
على المودة نلتقي



توقيع أحمد لزعر التسولي.

الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg