تعديل

samedi 27 janvier 2018

التصور التسولي للزوايا.



كثيرا ما كنا نسمع ونحن صغارا عبارة "أنا ماشي للزاوية، أنا كنت فالزاوية" ولم أكن أنا شخصيا أعلم مدلولها ولا المكان الذي تحيل عليه حتى أخذني جدي رحمه الله ذات يوم إلى بيت يقع وسط بستان من الأشجار المثمرة (برقوق ومشمش ولوز وتين وعنب ....) استقبلنا صاحبه بحفاوة وترحاب كبيرين وأكرمنا غاية الكرم، وكان كل مرة يقول لجدي: مرحبا بك ألهادي فالزاوية، فيرد عليه المرحوم: بك أولى أسيدي عبد الرحمان(1) آنذاك فهمت معنى كلمة زاوية، وما تحيل عليه من مدلول روحي واجتماعي.

 إنها دار للضيافة تقع وسط منازل الشرفاء والتي كانت تعتبر قبلة ومزارا لسكان القبيلة لأخذ البركة أو التداوي من بعض الأمراض المستعصية على الطب الحديث، أو لمجرد تبادل أطراف الحديث مع الشريف واستشارته في بعض الأمور، وفي أغلب الأحيان كان الزوار يأتون إلى الشرفاء مشتكين ممن تعدوا عليهم طالبين تدخلهم لحل الخلاف، فكان هؤلاء يقومون بالواجب دون تردد، وغالبا ما كانت وساطاتهم تنجح فيتصالح المختلفون ويردون الحق لصاحبه.

إن الزاوية التي نعرفها في المنطقة تختلف اختلافا بينا عن الزاوية بالمفهوم المتعارف عليه حاليا والتي ترتبط بطريقة معينة في الزهد والتصوف والنظر إلى الأمور الدنيوية، بل ويعتبر بعضها مشتلا لتربية وتكوين أطر يتم تعيينهم في مناصب سامية في قطاعات معينة (أحسن مثال على ذلك الزاوية القادرية البودشيشية التي ينتمي أغلب المسؤولين السامين بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إليها وذلك بحكم التوجه الصوفي للسيد الوزير الذي يعتبر أحد "فقراء" هاته الزاوية)، فالزاوية عندنا ما هي إلا منزل لأحد الشرفاء مشيد وسط بستان من الأشجار فيه عين ماء جارية يقصده الناس للتبرك أو لقضاء حاجة من حوائج الدنيا دون طمع في نفوذ أو جاه، إنها مثال  لتجلي الكرم والتسامح والأريحية في أبهى صورها.         
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) المقصود هو الشريف سيدي عبد الرحمان الوزاني رحمه الله، وهو من الشرفاء الوزانيين الذين يسكنون في عين صدينا دوار منادلة، جماعة أولاد الشريف، وما زالت هاته الزاوية قائمة الذات لحد الساعة وإن قل زوارها بسبب العصرنة وتغير الأفكار ''للأسوء مع الأسف''.



توقيع: أحمد لزعر التسولي.




الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

1 commentaires:

سبقلي السي احمد انني مشيت لحدا الزاوية مع لمحاضرة جبنا التحريرة للفقيه لي كان ايحفظنا القران المرحوم السي عامر الله يواليه بالرحمات

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg