تعديل

dimanche 21 janvier 2018

الأعراس في قبيلة التسول

قراءة في التراث الشفهي لإقليم تازة: قبيلة التسول نموذجا.
الجزء الثاني.
 
بقلم أحمد لزعر

بما أننا في موسم الأعراس سنلقي الضوء على بعض العادات والتقاليد التسولية التي اندثرت أو قاربت على الاندثار بسبب من الأسباب. ونبدأ الحديث بطريقة التعرف على العروس حيث تكون المناسبات والأفراح أفضل وسيلة لذلك إذا لم تكن العروس من أفراد العائلة (بنت العم أو العمة أو الخال .....) أما معايير الاختيار فغالبا ما تحصر في ثلاثة، أولها: العائلة ومكانتها في القبيلة أو الدوار، وثانيها: أخلاق العروس ويمكن حصرها في الحياء والاحترام والاستقامة، ثالثها: شطارة العروس في أعمال البيت أو ما يسمى بالعامية الحداكة، أما الجمال فيأتي في درجة رابعة وأحيانا لا يلقى له بال أصلا بخلاف ما هو سائد حاليا.
الخطبة: بعد التعرف تاتي مرحلة الخطبة حيث يتفق والد العريس مع والد العروس ـــ غالبا ما يكون هذا الاتفاق في الأسواق ـــ على العشاء ويسلم الأول للثاني بعض اللحم والفواكه، وفي المساء يذهب والدا العريس مع بعض المعارف ــ غالبا ما يكون العم وزوجه ــ إلى دار والد العروس ليتقدموا بشكل رسمي للخطبة ثم الاتفاق على مبلغ المهر الذي غالبا ما يكون في متناول العريس وأهله وتختم الليلة بقراءة الفاتحة.
الذبيحة: وهي عادة اندثرت نهائيا حاليا ولا يعرفها إلا الكهول من أشباهي، وتقضي بأن يتوجه والدا العريس في جماعة من الناس ـــ العائلة وسكان الدوار ـــ إلى دار والد العروس آخذين معهم خروفا أو اثنين بحسب عدد المرافقين وجميع لوازم تحضير وجبة الغذاء من عود الثقاب مرورا بالتوابل والزيت والدقيق وقنينة الغاز ... وكل المتطلبات بحيث لا يضطر أهل العروس لإنفاق أي شيء أو تشغيل أي آنية باستثناء فضاء المطبخ والغرف. وتعتبر الذبيحة أفضل وسيلة للتعارف وتأكيد نية الخاطب في الوفاء بالتزاماته.
الحطابة: وهي عادة اندثرت هي الأخرى بسبب انتشار الأفران والمخابز العصرية، وهو تقليد يقضي بأن يجتمع شباب الدوار في دار العريس قبل أسبوع من موعد العرس ويتوجهون مجتمعين إلى الغابة قصد جمع الحطب لتحضير خبز العرس.
الفتيل: وهي عادة نسائية تقضي بتجمع النساء في دار العريس لفتل الكسكس وتبخيره وترافق هذه العملية الزغاريد وضرب الدفوف.
الكسوة: وهو يوم مشهود في حياة العروس حيث ترافق والديها وأحد أفراد العائلة المشهود لهم بالشطارة في الشراء إلى أقرب مدينة قصد اقتناء الملابس والذهب أو ما يسمى بالجهاز، وعند عودتها يستقبلها كل نساء الدوار بالزغاريد قبل أن تطلعهم على ما قامت باقتــنائه قطعة قطعة.
الدفوع: وهو شرط يتفق عليه يوم الخطبة ويقضي بأن يحمل أهل العريس لبيت العروس ليلة الحناء خروفا أو خروفين وخمس أو عشر لترات من زيت الزيتون، وقنطارا من القمح الصلب حسب الاتفاق.
ليلة الحنة: وتكون غالبا مساء يوم الأربعاء أو الأحد، وهي أفضل ليلة في العرس ويقدم فيها طبقان في الغالب وهما الكسكس باللحم والزبيب ،ثم طبق لحم الخروف المطبوخ والبرقوق، وتسمى ليلة الحنة لأن النساء يقمن بنقش الحناء على يدي ورجلي العروس مرددات بعض الأهازيج الحزينة والتي تدفع العروس وأهلها للبكاء بحرارة ومن هذه الأهازيج:
حنيو للالة حنيو لخيتي لاواه, آو لالة يلالي خيتي لحبيبة لاواه
جيبو الحنة وجيبو لخيوط لاواه ودموع لالة يشلطو لحيوط لاواه
وتضاف لازمة "لاواه" آخر كل شطر من أجل ملء الفراغ الإيقاعي، و"لخيوط" جمع خيط وتستعمل في ربط شعر العروس بالسبنية.
يوم العرس: ويبدأ صباح الخميس أو الاثنين باستقبال الهدايا من خرفان وأكياس قمح وسكر، ويمر النصف الأول من النهار في هذه العملية، بينما يقوم العريس على فرس أو جواد ووزيره على بغلة أو بغل بالطواف على منازل الدوار والدواوير المجاورة من أجل دعوة أهلها لحضور العرس، وبعد وجبة الغذاء يتوجه المدعوون لمنزل العروس قصد جلبها وتكون الدابة غالبا فرس أو بغلة بيضاء ويركب خلفاها أخوها أو ابن أخيها إن وجد وذلك لتثبيتها وتنبيهها في حالة وجود أغصان الأشجار في الطريق أو أي عائق قد يؤدي إلى زحزحتها من مكانها على ظهر الدابة، وكلما مرت بجانب بيت إلا وقام أهله بتقديم الحليب للعروس التي تقوم بشرب جرعة خفيفة من الكوب، وعند وصولها يقوم العريس بخطف القبة من فوق رأسها، والقبة هي عبارة عن قمع هرمي مصنوع من أغصان الزيتون وتعلق فيه بعض قطع الحلوى والعلكة، وتعتبر السرعة والخفة والرشاقة في خطف القبة من علامات الرجولة ومن دلائل سيطرة العريس على زوجته.
التزياد: وهي عملية تكون غالبا بين المغرب والعشاء حيث يتوجه العريس رفقة بعض المدعوين من الشيوخ والأئمة ومن يحفظون الكلام خارج البيت ثم يعودون إليه بخطى متثاقلة وبطيئة في صفين على شكل حرف U اللاتيني حيث يشكل العريس نقطة التقاء الصفين ويقوم الرجال بترديد بيتين الأول من مكان الانطلاق حتى باب البيت وهو:
يا عظيم ذو الجلال يا الله يا الله الموصوف بالكمال يا عزيز يا ربي
والثاني من باب البيت حتى بهوه أو ما يسمى "المراح" وهو:
ها حنا جينا أهلا بينا صلوا على النبي زيدوا الصلا.
الهنا أو الغرامة: وهو الوقت الذي ينتظره والد العريس بفارغ الصبر حيث يستطيع من خلاله استرجاع بعض المصاريف عبر تنافس المدعوين على تقديم الأوراق النقدية، ويبدأ هذا الطقس بترديد الأبيات التالية:
وصليو على النبي وصاليو عليه والملائكة حاضرة والشيطان يخزيه
واصليو على النبي ويا هذ الناس كلمة حلوة فاللسان محفوظة فالراس
واصليو على النبي ويا زيارو والحجاج للي مشاو للجنة سارو
ويا الحاير فالوطا والتباع وراه والراكبة فالسلطنة والوازرة موراه
والحاير فالوطا والشمش والاتو لله يا شعور البنات كونو حجاباتو
حفرولنا العدا البير وشحال من قامة وخرجنا بجهد الرسول وبلا عوامة
ويا الطالع للجبل الراس العالي خرجات منو فاطمة وخلاتو خالي
وصليو على النبي وصاليو عليه والملائكة حاضرة والشيطان يخزيه
بعد الانتهاء من هذه الأهازيج يقوم البراح بأخذ الكلمة حيث ينادي بأعلى صوته:
اللهم صلي على سيدنا محمد ألف مرة حتى يرضى (تكرر ثلاث مرات)، الله ينعل الشيطان، ويهدن الأوطان، وينصر مولاي السلطان، أحبابو، أعشرانو، احناوين، الحنة على الله ألجواد؟
وفي هذه اللحظة تبدأ المنافسة بين الحضور ومن يقدم أعلى مبلغ يقوم ابنه أو حفيده بالجلوس جانب العريس ودهن أصبعه بالحناء، وهي لحظة محرجة جدا للوزير إن لم يستطع تقديم مبلغ يضمن له البقاء بجانب مولاي السلطان. وقد كنت وأنا صغير سببا في إحراج ثلاث وزراء حين أصر والدي على دفع أعلى مبلغ في ذلك الوقت والذي لم يتجاوز 500 درهم.
الطاجين: وهي من أجمل العادات المنقرضة للأسف وأفضلها، وتعني أن يقوم جار أو جارين أو ثلاتة وأحيانا أربعة بإعفاء أهل العريس من تحضير وجبة العشاء حيث يتكفل كل واحد منهم بإطعام أربعين أو خمسين مدعوا، وفي بعض الأعراس لا يجد والد العريس من يأكل معه من الرجال فيضطر للحاق بضيوفه.
القشابة: وهي العادة الوحيدة المذمومة في رأيي وتقضي بأن يقوم العريس بإشهار سروال أبيض عليه بعض قطرات من دم بكرة عروسه، وتقوم البنات بالرقص حاملات صينية فيها بعض قطع السكر والسروال الآنف الذكر مرددات أهازيج مثل:
هاهي جابتو بعدا كحلو بيه يا لعدا
ألعروسة ألمرضية هاكذا يكونوا بنات الرجال المحضية.
الحزام: ويكون في اليوم السابع للعرس حيث يتوجه إخوان وأخوات العروس إلى بيت أختهم والتي تقوم بمغادرة غرفتها لأول مرة وتسهر على خدمة الضيوف من أقاربها وأقارب العريس الذي يسمح لها بالسلام عليهم.
السلام: وهي عادة اندثرت أيضا وتقضي بقيام العريس وزوجته صحبة والديه بزيارة بيت أهل العروس لأول مرة ويقوم بتقبيل رأس حماته وحموه والسلام عليهما.

الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

2 commentaires:

اعطاك الله الصحة سيدي احمد تبارك الله عليك

عطاك الله الصحة سيدي احمد

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg