تعديل

mercredi 31 janvier 2018

الختان

قراءة في التراث الشفهي لإقليم تازة: قبيلة التسول نموذجا.
الجزء السابع.
 
الختان
 
الختان سنة معروفة عند المسلمين واليهود على حد سواء، ويعتبر حفل الختان من أهم الطقوس المعروفة في القبيلة، وما زال لحد الساعة وإن لم تعد له تلك الهالة التي كانت لديه في السابق، حيث أصبحت معظم الأسر تقوم بهذه العملية بشكل سري وفي المستشفيات العمومية أو المصحات الخاصة، بخلاف ما كان متعارفا عليه في السابق حيث كانت الأسر تخصص يوما من أيام أوائل الصيف أو بداية الخريف للاحتفال بهذا الطقس وذلك بعد أن تقوم بدعوة جميع أفراد العائلة وسكان الدوار لحضور ''الصدقة'' التي غالبا ما تكون بعد حفلة عقيقة أو عرس أو دبيحة، ويعتبر المعلم بيصارة الحجام – أطال الله عمره – أشهر من يقوم بعملية الختان في قبيلة التسول على الإطلاق، حيث إنه ربما قام بختان الرجل وابنه وحفيده لأنه يمارس هذه المهمة منذ ستينات القرن الماضي، وما زلت أذكر لحد الآن لحظة ختاني لأنني كنت أبلغ من العمر أربع سنوات، وكان سبب التأخير هو انتظار أحد أعمامي حتى يبلغ سنتين ونصف ليتم ختانه معي توفيرا للمصاريف، وقد كانت العادة أن يتم مسك الصبي من طرف زوج خالته وإن لم يوجد يمسكه عمه أو أحد أقاربه، وذلك بعد أن يتم إلباسه اللباس التقليدي المكون من جلباب أبيض وبلغة وطربوش وطني أحمر، ويضع المعلم إزارا أبيض على ركبتيه، ويشرع في العملية يرافقه صوت الفقهاء ''الطلبة'':
شفاء الرؤوف الرحيم
محمد سيدنا عليه سلام
 
مع مد الألفات والواوات والياءات مدا طويلا بطريقة تجعل الصبي يهدأ وينسجم مع الترنيمة الجميلة ولا يتفطن للمقلب إلا بعد أن يكون المقص قد فعل فعلته. 
 
ولم يكن المعلم في ذلك الوقت يتوفر على الأدوية المعروفة حاليا، وإنما كان يكفيه بعض ''البيتادين والدوا الأحمر'' وكفى الله المؤمنين القتال، وغالبا ما كان يتم إسكات الصبي ببيضة مسلوقة، وبعض قبلات الأم الممزوجة بالدموع (حين يرى الطفل أمه تبكي يحاول التغلب على نوبة بكائه لا أدري لماذا، لعل الأمر يرجع للشعور بالذنب، أو محاولة منه مواساتها والله أعلم) ودرهم أو درهمان (أنا شخصيا قام جدي رحمه الله بمنحي ريالا أبيض لا يعرفه إلا مواليد أوائل السبعينات). ولم تكن فترة الشفاء تتعدى الأسبوع هذا مع كثرة الذباب والغبار الذي كان يشكل حاجزا واقيا ضد الجراثيم، أما مدة الخوف من المقص والحجام فتستمر لشهور وربما لسنوات، وقد كانت الأم تلجأ إلى التهديد بهما من أجل إسكات ابنها أو لإجباره على النوم.
 
وترتبط بهذه العملية مجموعة من الطرائف التي يتداولها سكان الدواوير منها أن المعلم بيصارة حفظه الله أتوه ذات مرة بطفل تجاوز الثلاثة عشر سنة من عمره ليقوم بختانه، فلما رآه استغرب وقال لوالده ''هذا راه خاصو شاقور ولا صاطور ماشي مقص، لو كان دلقي بريي عبيه عند شي جزار يطهرو فالسوق''.
 
ومنها أيضا أن أحد أبناء عمومتي قام بالتغوط على الحجام من شدة الخوف فور ختانه، مما أغضب المعلم بيصارة واضطر للانتظار أكثر من أربع ساعات قبل أن تجف ملابسه، وقد كان هذا الأمر سببا في تأخره عن موعد حفل ختان آخر.
 
ومنها أيضا أن أحد النصارى أراد الزواج بمغربية فاشترطت عليه أن يسلم، فلما نطق بالشهادتين طلبت منه أن يذهب للطبيب من أجل الختان، فاستغرب الرجل وقال لها بدارجة ملتوية ''واش ضروري'' فأجابته بأن إتمام زواجهما مرتبط بهذه العملية، فقال لها ما ترجمته ''إلى كان المصير ديالنا مرتابط غير بهذ الجليدة فمناقص من هذ الشي كاااع'' وقام برسم علامة الصليب على صدره وجبهته وغادر الدار إلى غير رجعة.

توقيع:  أحمد لزعر.


الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

1 commentaires:


هههههه تبارك الله عليك سي احمد على ما حكيته وضحكني داك النصراني .فالاول سلم وفالاخير رسم الصليب

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg