تعديل

mercredi 7 février 2018

الاستسقاء

قراءة في التراث الشفهي لإقليم تازة: قبيلة التسول نموذجا.
الجزء الثامن.

سنتحدث في هذا الجزء عن عادة أو تقليد كان منتشرا في القبيلة كلما شح الماء وتأخر الغيث، وهي عادة الاستسقاء أو ''طليب الشثا''، وللإشارة فعملية الاستسقاء كانت تجري في القبيلة أو في بعض الدواوير دون تدخل من وزارة الأوقاف أو بإملاء من وزارة الداخلية بعد إعلان مسبق، بل كان سكان الدواوير يقومون بها كلما تأخر الغيث عن موعده المعروف عندهم، وما زلت أذكر هذا الطقس جيدا وقد كانت آخر مرة قام به رجال الدوار هي سنة 1995 إن لم تخني ذاكرتي، وقد كانت تسبقه بعض التحضيرات منها اتفاق السكان على المكان الذي سيجتمعون فيه، (بالنسبة لدوار الغابة مثلا كان الاجتماع يتم في المقدم وهو روضة لأحد الأولياء) ثم الاتفاق على ثمن الأضحية ومقدار مساهمة كل بيت فيه، ثم من سيقوم على تهيئة وححبة الغذاء، وأخيرا من سيقود حشد الطالبين. بعد الاتفاق يتم تحديد موعد الاجتماع والذي غالبا ما يكون يوم الاثنين أو الخميس لضمان حضور أكبر عدد من الناس لأن بعضهم يشتغل في الأسواق الأسبوعية ويتعذر عليه الحضور في الأيام الأخرى. ويبدأ هذا الطقس بذبح الكبش وتهيئته للطبخ من طرف بعض نساء الدوار، في حين يجتمع الرجال في مكان تحت شجرة كبيرة (شجرة خروب) يذكرون الله ويستمعون لقراءة القرآن، وبعد الغداء ينطلق الحشد من مكان الاجتماع ليطوف على الدواوير الثلاثة يتقدمه الرجال الأكبر سنا بعد أن يخلعوا نعالهم وأحذيتهم ويغيروا ترتيب ملابسهم، (كانوا يقلبونها الظهر للوجه واليمين للشمال) وهم يرددون بعض الجمل مثل: 
يا الشثا حبحب ونزل راه ولادك فالمنزل
غابرة غابرة ياسيدي ربي تصبح راوية بالشتا والغربي.
آفيلة عطشانة رويها يا مولانا
آزرع صفر ورقو غيثو يامن خلقو
مانطا مانطا جيب الشثا على لوطا
موسى وعيسى شقو الجبل وهم يقولو الغيث يالله، غيث في غيث، غيث منافع.
والصبيان يرددون: يا ربي دروينا حنا صبيان شني لقينا؟
 
وتتخلل هذه الجمل عبارات تضرع واستعطاف وابتهال لله سبحانه من أجل أن يسقي عباده بهيمته، وينشر رحمته، ويحيي بلده الميت.
ملحوظة: أعرف أن هناك من سينتقد هذه العملية لأنها كانت تتم في الأضرحة (غالبا) وسيعتبرها نوعا من الشرك أو ما شابه، ولكن أقول إن الضريح لم يكن إلا مكانا للاجتماع لا أقل ولا أكثر، ولم يتخذه السكان وسيلة للدعاء أو التضرع مطلقا، وحتى الضريح الذي كنا نجتمع فيه ليس له بناء أصلا ومكان القبر مطموس تماما.

توقيع: أحمد لزعر التسولي


الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg