تعديل

vendredi 2 février 2018

أعلام قبيلة التسول 04

    
السي الطاهر التسولي.

 وكان في شمال المغرب من هذه الفئة من الشخصيات الفكاهية طالب متمكم يقال له سي الطاهر التسولي عاش متجولا بين القبائل، مترددا على المساجد لا يعرف القرار والاستقرار، يفتخر بذكائه وقرآنه الذي يصفه بأنه مثل الصخرة لا يتطرق إليه الغلط أو الشك، سواء في حفظ النص القرآني أو في رسمه وطريقة أدائه، وقد ذكر صاحب الأنصاص القرآنية ما يدل على أنه شخصية حقيقية (1) وقد حكى عنه جملة من الطرائف حدث بها عنه والده منها: أنه مات بقرية بوقمو ببني عروس وأوصى بدفنه بعليقة حتى لا يتخطاه "الثماينية".

        ومنها أنه عند موته مرض حتى عفن بعض جسمه وخرج منه الدود، فكان ينادي على الطلبة المتوسطين ليلتقطوا الوقف أي وقف القرآن الكريم الذي يكتب على شكل 'مه' وهو الشكل الذي كان يراه يشبه الدود الخارج من العضو المتعفن من جسمه.

        ومنها أنه مر بمسجد ما وتمنى أن يأكل من تين شجرة محروسة من طرف الفقيه، فقال له: ناولني من باكور هذه الشجرة وأشهد لك بالحذقة في القرآن "التقشقيشة" وهي شهادة بمثابة وسائل الإعلام للتشهير بالفقيه فلما ناوله وقضى حاجته قال له: سأشهد لك بالمهارة، ولكن في اختيار الباكور الجيد.

         ومن ذلك أنه كان نادرا ما يزور أنه وأخته، ومرة وبينما هو داخل لزيارتهما إذا بأخته تصرخ: أمي أمي أخي الطاهر قد أتى، فوقف وقال: عشرون عاما من الغيبة 'التخنيشة' ولم أستحق لقب 'السي'، مع السلامة ورجع دون أن يرى أمه العجوز.

         ومن طرائفه أيضا أنه كان عندما يروح للجامع لينام فيه بالليل كان يأخذ ألواح الطلبة ويفرشها في الأرض لينام عليها، فلما استفسر عن ذلك قال: ستون حزبا (يقصد نفسه) تنام على الأرض، وأنصاصها معلقة على الحائط؟

         ومما حكي عنه أنه سأله رجل 'قبان' لماذا يكره الطالب الكلاب؟ فأجابه: مات رجل 'قبان' مثلك، فاختصم فيه الطلبة والكلاب، الطلبة يقولون بدفنه، والكلاب تقول بافتراسه، فاستحكمت العداوة بينهما بسبب ذلك.

          ومن آخر ما يحكيه عنه طلبة الشمال أنه كان مارا على مسجد صغير فيه طالب مشارط، فكان يفتي لبعض تلاميذه ويسلك مع آخرين، وكان في كل ذلك يفسد التلاوة ويفتي غلطا، ويحرف القرآن، فما كان من السي الطاهر التسولي إلا أن ذهب إلى بعض أشجار الشوك وجاء بحزمة من عيدانها وأشواكها وأخذ يسد باب المسجد ومنافذ الهواء فيه، فلما شعر به الفقيه وتلاميذه اعتذر بأنه فعل ما فعل إشفاقا على كتاب الله حتى لا يذيع ما صدر عن الفقيه من الغلط وينتشر بين الناس على تلك الحالة من التصحيف والتحريف.
          وعلى كل حال فطرائف السي الطاهر أكثر من أن تحصى ولكنني اقتصرت على هذاه الأمثله للدلالة على الغرض.
وهكذا ــــ يقول الدكتور حميتو ـــــ كان السي الطاهر التسولي في جميع أحواله منتصرا للسيادة الطلابية من الأدعياء المتطفلين عليها، وما أكثر ما نجد في هذه الأوساط بين الطلبة من يمثل هذا الصنف و ذاك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكرت في هذا المنشور بعض المصطلحات المتعلقة بالفقهاء منها: التماينية، الوقف، التقشقيشة، التخنيشة، قبان، التصحيف والتحريف. أترك للإخوة فرصة البحث عن معناها.
المراجع: حياة الكتاب وأدبيات المحضرة للدكتور عبد الهادي حميتو، الجزء الأول، الصفحة 546 وما بعدها.
كتاب الأنصاص القرآنية للدكتور عبد العزيز العيادي العروسي.

 (1) قلت ومما يدل على أنه شخصية حقيقية أيضا ما حكاه لي شخصيا سنة 2007 إمام مسجد إساكن أطال الله عمره حين علم بأني تسولي، من أن والده رحمه كان أحد الطلبة الذين تتلمذوا على يد السي الطاهر التسولي، وقال لي بالحرف أن والده أخبره بأن السي الطاهر كان الوحيد "ربما في العالم كله" الذي يحفظ القرآن بالحساب، فلما سألته عن معنى ذلك قال لي بأنه كان يحفظ ألفاظ القرآن الكريم لفظة لفظة  ويذكر عدد مرات ورودها والآيات التي ذكرت فيها، وهو العمل الذي قام به فؤاد عبد الباقي في مؤلفه الرائع "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم".  


توقيع: أحمد لزعر التسولي

الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

3 commentaires:

شكرا سي احمد لإحيائك لمثل هذه الشخصيات .
بالنسبة للتقشقيشة كنقولوها للفقيه لي ضابط القرآن جيد .كانقولو هذا فقيه مقشقش اي فقيه متمكن من ضبط القرآن

Ce commentaire a été supprimé par l'auteur.

الله يحفظك السي احمد لخبيب

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg