تعديل

mercredi 7 mars 2018

قراءة في أهازيج نساء آل تسول (3).


قراءة في التراث الشفهي لإقليم تازة: قبيلة التسول نموذجا.
الجزء العشرون.

نعود لنستكمل البحث والتنقيب في الأهازيج النسائية الخاصة بنساء قبيلتي التسول والبرانص ونتبين السمات الموضوعية والفنية لهذا الفن المتميز الناطق بنون النسوة، وكنا قد وقفنا في الجزء الماضي عند موضوع الغزل النسوي ونستمر في تلمس مميزات هذا الغرض وننتقل به إلى مستوى ثان من الوصف ونقصد به المقابلة، والمقابلة نوع من التشبيه يضع فيه الواصف موصوفه في مقابلة شيء ما ويكسوه بعض صفاته ونمثل لذلك بقول إحداهن:
كيفك كيف البرقوق، طايب ماشي مسحوق، نهز وحدة وندوق، والجدارمية حرمو فيا السوق.
فالمعروف والمشهور عند جميع الشعراء تشبيه بعض أجزاء الجسم مثل الشفتين أو العينين بفاكهة البرقوق، أما أن يشبه الشخص كله بهذه الفاكهة فهذا ما نسميه "مقابلة" وهي أخذ جميع صفات البرقوق من حلاوة وحسن منظر وجمال لون، وإضفاء كل ذلك على المتغزل به، فيتحول الشخص من بشر عادي إلى مجموعة من الصفات الجميلة، ولكي تكتمل الصورة تنبه صاحبتنا إلى أن المعني هو البرقوق الجيد وليس ذلك النوع الردئ الذي تشمئز من مظهره النفوس، أما قولها "الجدارمية حرمو فيا السوق" فهو كناية على تحكم زوجها أو أقاربها وتسلطهم عليها بحيث يحرمونها من ملاقاة من تحب وتعشق.
وتقول أخرى واصفة حالها بعد فراق زوجها الذي غيبته ظروف العمل:
كيفك كيف الوردة، الوردة ديال الجردة، وإلى غيبو عيناك لاش المانضة.
فهو كوردة الحديقة في جمالها وحسن عبقها، ولكن غيبته عنها تركت ألما في صدرها لم يداوه ما يبعثه من نقود كل شهر، فهي تفضل قربه ووجوده بجنبها على مال الدنيا، ولننظر إلى اختيار العينين للدلالة على الشوق والحنين، إذ فيهما تظهر كل المشاعر الجياشة والأحاسيس المرهفة.
وتستمر مقابلة المحبوب بأصناف الفواكه الصيفية الشهية التي تكتسي أهمية خاصة عند القرويين للذتها ومذاقها المتميز، وقد نجد لاختيار النساء هاته الفواكه مبررا مقبولا وذلك راجع لأثرها الكبير في إطفاء لهيب العطش والأوام، الذي يشبه إلى حد ما لهيب العشق والغرام، فهو مرة كالمشمش:
كيفك كيف المشماش، دي فالكوربة داحراش، الفكانصي يشري والمسكين باش.
والفاكانصي كلمة معربة عن كلمة Vacance أي العطلة، ولكنها تحيل في لغتنا التسولية على معنى آخر وهو المغاربة المقيمين بالخارج الذين يرتبط دخولهم للمغرب بفترة العطلة الصيفية، كما تحمل هاته الكلمة معنى الغنى والمكانة الاجتماعية المتميزة التي كان يحضى به هؤلاء داخل المجتمع المغربي.
وتقول أيضا:
كيفك كيف المشماش، نشريك ما عندي باش، ديتلي عقلي فراسي ما بقاش.
وهو مرة أخرى كثمرة الزعرور أو الأسكدنيا التي يطلق عليها المغاربة اسم "المزاح".
كيفك كيف المزاح، غرسو فالما ينجاح، والرgبة على البرانص خاصك السلاح.
وأحيانا كثمرة التفاح:
كيفك كيف التفاح، والتفاح دالبرانص، يمشي فالطياير خالص وعيناك كوحل طيحو فيا النص.
ونختم بفاكهة أخيرة وهي العنب حيث تحيل المقابلة به على مجموعة من الحبات المتراصة على شكل عنقود، تقول إحداهن:
كيفك كيف العنكود، العنكود داك الخلدي، مديث يدي نجني، العساس كان خفيف دغيا شدني.
فالمحبوب كعنقود العنب الخلدي وهو من أجود أنواع العنب وأجملها منظرا وأحلاها مذاقا، يشتهيه الرائي حتى تطمع نفسه في تناوله مالم يكن هناك حارس أو عذول منتبه وهذا الأخير هو المقصود هنا بالعساس.
وتقول كذلك:
كيفك كيف العنقود، هو بين الدوالي ممدود، ونحطو مدايا على فوق النهود.
نكتفي بهذا القدر.
وعلى المودة نلتقي.
طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير.

توقيع: أحمد لزعر التسولي

الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg