تعديل

mercredi 7 mars 2018

قراءة في أهازيج نساء آل تسول 02




قراءة في التراث الشفهي لإقليم تازة: قبيلة التسول نموذجا.
الجزء التاسع عشر.

نعود لنستكمل البحث والتنقيب في الأهازيج النسائية الخاصة بنساء قبيلتي التسول والبرانص ونتبين السمات الموضوعية والفنية لهذا الفن المتميز الناطق بنون النسوة، وكنا قد وقفنا في الجزء الماضي عند موضوع الغزل النسوي والذي قلنا بشأنه إنه غزل عذري بسيط مؤدب لا مكان فيه للفجور أو الخروج عن المألوف والعرف المتداول بين الناس، بخلاف غزل الرجال الذي يخرج في بعض أطواره عن الحد، ويتجاوز أصحابه القصد، وقد استغرق الغزل النسائي التسولي/البرنوصي جميع أعضاء الرجل تقريبا من الشعر الطويل "المسبسب" المقصوص بإتقان:
نتي جيتنا من تازة، ممري بحال الزاجة، وداك القصيصة على الحاجب gايزة.
فالمتغزل به رجل جاء من الحضر رمز النظافة حيث الحمامات والبيئة النقية (طبع هد الشي كان شحال هذي قبل ما ننتاقلو للمدن ونشوفو بعينانا الزبل والخنز فالشوارع والزناقي) ولشدة نظافته يبدو للناظر كأنه زجاجة ممسوحة ومنظفة بإتقان بحيث لا تكاد تظهر فيها شائبة، ثم يكتمل جمال المظهر بقصة شعر تنزل على الجبين. وتجدر الإشارة إلى أن الصلع أو "القروعية" كانت تعبتر سبة ومدعاة للسخرية، ومجلبة للتندر والضحك من صاحبها وللتدليل على ذلك نذكر قول الشيخ محمادين شخطون/الgرواط للشيخ بوجمعة الحداد في إحدى المناسبات:
يا القرع يا المنكط، راسك بالزغب مطوط، وعنقك بالخدمة كرط، وريني الجامع فاين أدعطي الشرط(1).
ولا يقتصر الوصف على الشعر فقط بل تتدرج النساء لتعطي باقي الأعضاء حقها من المدح والتمجيد فتقول إحداهن واصفة عيني ولسان أحدهم:
نتي جيث من حال بعيد، وراك عندنا فالتقييد، لسانك كيما لحديد، وعيناك كيما لوقيد، خيي غي شفناك تفكرنا البالي والجديد.
فالرجل براني جاء من مكان بعيد، وللغريب قيمة مضافة عند النساء عموما إذ يرين فيه الأمل الذي قد يخرجهن من بلدتهن إلى عالم آخر بعيد عن التعب وشظف العيش، وتحيل عبارة "راك عندنا فالتقييد" على أن الرجل قد تم تمييزه ووضع العين عليه، فهو مراقب/مستهدف من كل النساء اللائي رأينه فأعجبهن حسنه، ولسانه الذي يشبه الحديد في الصلابة والمضاء فالمقصود بالحديد هنا السكين المشحوذ بدقة وليس مطلق الحديد كما قد يتوهمه البعض، وتكثر في القبيلة تشبيهات من قبيل "لسانو بحال زيزوار" "عندو حد اللسان بحال الموس الله يحفظ أياكل به الشوك" ... ومشهور في عرف النساء تشبيههن لسان الرجل اللبق الحسن الكلام والكثير الغزل والمجاملة بالسكين القاطعة التي تقطع الأوداج فلا تكاد الضحية تحس بها من شدة مضائها، فإذا انضاف توقد العينين وجمالهما، وأثرهما في اللعب بقلوب العذارى إلى حلاوة اللسان، فقد جمع الشاب الجمال والحسن من أطرافه، فتتهيج المشاعر وتتأجج نار الحب، فتتذكر المتغزلة الماضي وذكرياته الجميلة، والحاضر وآماله العريضة، فتنتقل من حال إلى حال، وترجو مآلا بعد مآل، وتعقد على ذلك جميل الآمال.
نكتفي بهذا القدر وللموضوع بقية.
وعلى المودة نلتقي.
طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) للأمانة فقد رد الشيخ الحداد على هذا الهجاء قائلا:
الرجال هايثا أدكون عندم الرويسة مالسة، والقصة بحالك أدكون عند النسا..... في كلام طويل سنعود إليه في وقت لاحق إن كان في العمر بقية.

توقيع: أحمد لزعر التسولي

الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg