تعديل

mardi 16 octobre 2018

أعراف تسولية


أريد في هذا المنشور أن أطلعكم على حل اللغز الذي نشرته يوم أمس حول مفهوم عبارة "فلان لقا العراطة" والذي لم يستطع الإجابة عليه إلا شخصين اثنين هما السيد عبد الحق كريط والسيد محمد يسف، أما الأغلبية فقد ذهبت إلى تعريف العراطة وعملية التعراط، في حين أعطى اثنان من الأعضاء تفسيرا مغايرا للمقصود. وقد سبق لي أن قلت في أحد التعليقات أن هاته العبارة تحمل مدلولا اجتماعيا يحيلنا على عرف كان شائعا في القبيلة قبل حقبة الأربعينات من القرن الماضي حيث كانت بعض الأسر الفقيرة تلجأ في عز برد شهر أبريل "غالبا" وبعد نفاد المؤونة لديها إلى وضع عراطة وراء الباب الرئيسي للمنزل وذلك بعدما تعمد إلى ملء الجرار (بكسر الجيم جمع جرة) وكل الأواني المتوفرة بالماء ثم تحبس نفسها في غرفة معينة وتنتظر رحمة ربها، وقالت لي جدتي رحمها الله أن أهل الدوار كانوا ينتظرون مثل هذا الفعل وكانوا إذا رأوا أن بيت أحدهم مغلق ليومين ينتظرون إلى ما بعد صلاة العشاء ثم يهبون إليه جميعهم كل واحد يحمل في يده ما يقدر عليه من زاد (غالبا ما يكون عبارة عن طحين الشعير أو تين مجفف أو زبيب ونحوه) ويأتون بسلم ويصعدون فوق سطح البيت ثم يلقون بلطف ما حملوه معهم في البهو، دون أن يراهم أصحابه تفاديا لإحراجهم ورغبة في ستر الصدقة.
قد يقول بعضكم ولماذا يلجأ الناس إلى مثل هذا الفعل، ولا يحاولون اقتراض ما يحتاجونه من غيرهم؟ أقول له بأن الاقتراض يضل في رقبة المقترض وقد يشكل عليه عبئا إضافيا ولا يستطيع رده، ثم إنهم كانوا يغلقون عليهم الباب متيقنين بأن سكان الدوار سيغيثونهم في أقرب وقت وهذا ما كان يحصل فعلا.
وقد يقول البعض الآخر لماذا لا يتدخل سكان الدوار قبل هذا الفعل ويمدون الأسرة بما تحتاجه من زاد؟ أقول في الجواب إنك لا تعرف عقلية التسولي وعزة نفسه، وكيف أيقولو حبابنا التسول "جوعي فكرشي وعنايتي فراسي".
وعلى المودة نلتقي.


توقيع: أحمد لزعر التسولي

الأراء المعبر عنها في التعليقات تمثل وجهة نظر صاحبها .ولا علاقة لها بالتوجهات العامة للموقع

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Facebook Digg